لماذا يصعب علينا استقبال الحب؟

ريما الملاحي
11 مايو 2025

لماذا يصعب علينا استقبال الحب؟

ولماذا قد تثير الطيبة فينا القلق بدل الامتنان؟

لا أحد يعلّمك كيف تستقبل الحب.
الجميع يتحدث عن كيفية منحه، التعبير عنه، أو البحث عنه...
لكن نادرًا ما يخبرك أحد أن الحب، حين يأتيك، قد يثير فيك الخوف.
وأن الطيبة، حين توجَّه إليك، قد تقلقك أكثر مما تريحك.

لماذا؟
لأنك، في مكانٍ عميق داخلك، لا تصدّق أنك تستحق.

يقول كارل يونغ:

"الظلّ هو كل ما لا نريد أن نكونه."

وفي أعمق نقطة من هذا الظل، توجد صورة للذات مليئة بـ:
الخزي، الشك، والرفض.
فحين يراك الآخرون كريمًا، محبوبًا، أو جديرًا بالعناية،
تصطدم صورتهم الإيجابية بك مع صورتك الخفية عن نفسك.

ويبدأ التوتر...

ليس كل من يخاف الحب، يهرب منه.
بعضنا يستقبل الطيبة، لكنه يعاني منها:
يبتسم، يشكر، يقدّر…
لكنه يشعر بشيءٍ غريب يتحرك في صدره:
خوف، قلق، أو حتى ذنب.

لأن هناك فكرة قديمة مزروعة في العمق تقول:

  • "اللطف مشروط"
  • "الحب له ثمن"
  • "أكيد في مقابل جاي"

نحن لا نهرب من الحب لأنه سيء،
بل لأننا لا نعرف من نكون أمامه.
فالحب الصادق يُسقط عنك أقنعة الحذر،
ويعرّيك أمام هشاشتك.
وهذا مؤلم، خاصة لمن لم يُرَ يومًا في لحظات ضعفه.


بين المنطق والظل

منطقيًّا، أنت تعرف أنك تحتاج الحب:
أن يُحنو عليك، يُسمَع لك، يُحتوَى وجودك بلا شروط.
لكن النفس لا تسير بالمنطق وحده.

يرى يونغ أن التوازن لا يتحقق إلا بـ:
مواجهة الظل — مواجهة تلك الأجزاء التي تنكرها فيك، وترفض رؤيتها.

فحين ترفض استقبال الحب،
ربما لا ترفض الآخر، بل ترفض رؤية نفسك كـ جدير.
تقاوم الانعكاس الإيجابي لأنه يهدد نظامك الداخلي المعتاد:
"أنا لست كافي"، "أنا لا أُرى"، "أنا وحدي".


كيف نبدأ؟

الخروج من هذه الدائرة لا يكون بمحاولة استقبال الحب قسرًا،
بل بـ جرأة مواجهة الذات كما هي:
بكل ضعفها، خوفها، ورغبتها الخفية في أن تُحتضن… دون مقابل.

قد لا يكون الطريق إلى قلب الآخر هو الأصعب،
بل الطريق إلى قلبك أنت.

أن تستقبل الطيبة وكأنها لك.
أن تسمح لنفسك أن تكون محبوبًا،
لا لأنك فعلت شيئًا…
بل فقط لأنك أنت.

التعليقات

لا يوجد أي تعليقات لعرضها.

تسجيل الدخول

مقالات أخرى

العلاقات بين التبادل والاستغلال: متى نمنح؟ ومتى نتوقف؟

العلاقات بين التبادل والاستغلال: متى نمنح؟ ومتى نتوقف؟

في عالم تتشابك فيه العلاقات الإنسانية — عاطفية، اجتماعية، مهنية — يصبح التمييز بين "التبادل الصحي" و"الاستغلال الصامت" ضرورة نفسية لا رفاهية.هذا المقال يسلط الضوء على أربع زوايا مهمة لفهم هذا الفرق ال

01/05/2025
ريما الملاحي
جحيم الوعي.. لماذا لم يخبرني أحد بهذا؟

جحيم الوعي.. لماذا لم يخبرني أحد بهذا؟

الوعي: نعمة لا تكتمل… إلا بثمنمن بعيد، يبدو الوعي كهدية ثمينة: أن ترى بوضوح، أن تفهم نفسك، أن تُدرك العلاقات كما هي، دون زيف أو تزيين. نظن أننا حين نفهم… سنرتاح.لكن الحقيقة؟ الوعي لا يقدم الراحة دائما

17/04/2025
ريما الملاحي
هذا لا يشبه الهروب… هذا يشبه النجاة

هذا لا يشبه الهروب… هذا يشبه النجاة

أن تختار نفسك، بهدوء…لطالما قيل لنا إن الحب يحتاج تضحية، وأن العلاقات تستحق المحاولة، وأن التعبير عن احتياجك علامة قوة…فنخوض علاقاتنا بنية طيبة، نحاول أن نكون واضحين، صادقين، محترمين لحدودنا وحدودهم.

12/04/2025
ريما الملاحي